فصل: فصل:(كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى الحارث بن أبي شمر):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى (نسخة منقحة)



.فصل: وكتب النبي إلى هوادة بن علي الحنفي صاحب اليمامة:

بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى هوذة بن علي سلام على من أتبع الهدى، واعلم أن ديني سيظهر إلى منتهى الخف والحافر، فاسلم تسلم أجعل لك ما تحت يدك، وكان عنده أركون دمشق عظيم من عظماء النصارى فسأله عن النبي صلى الله عليه وسلم؟ وقال قد جاءني كتابه يدعوني إلى الإسلام فقال له الأركون لم لا تجيبه؟ فقال: ضننت بديني وأنا ملك قومي إن أتبعته لم أملك، قال بلى والله لئن اتبعته ليملكنك وإن الخيرة لك في اتباعه، وإنه للنبي العربي بشر به عيسى بن مريم، والله إنه لمكتوب عندنا في الإنجيل.

.فصل:(كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى الحارث بن أبي شمر):

وذكر الواقدي أن رسول الله بعث شجاع بن وهب إلى الحارث ابن أبي شمر وهو بغوطة دمشق فكتب إليه مرجعه من الحديبية: «بسم الله الرحمن، من محمد رسول الله إلى الحرث ابن أبي شمر، سلام على من اتبع الهدى وآمن به وصدق، وإني أدعوك إلى أن تؤمن بالله وحده لا شريك له، يبقى لك ملكك» وختم الكتاب، فخرج به شجاع بن وهب، قال فانتهيت إلى حاجبه فأجده يومئذ وهو مشغول بتهيئة الإنزال والألطاف لقيصر وهو جاء من حمص إلى إيليا حيث كشف الله عنه جنود فارس شكرا لله عز وجل، قال فأقمت على بابه يومين أو ثلاثة، فقلت لحاجبه: إني رسول الله إليه، فقال حاجبته لا تصل إليه حتى يخرج يوم كذا وكذا، وجعل حاجبه وكان روميا اسمه مرى يسألني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وما يدعو غليه فكنت أحدثه فيرق حتى يغلبه البكاء، ويقول إني قرأت في الإنجيل وأجد صفة هذا النبي بعينه، فكنت أراه يخرج بالشام فأراه قد خرج بأرض العرب، فأنا أومن به وأصدقه وأنا أخاف من الحارث ابن أبي شمر أن يقتلني، قال شجاع فكان هذا الحاجب يكرمني ويحسن ضيافتي، ويخبرني عن الحارث باليأس منه، ويقول هو يخاف قيصر، قال فخرج الحارث يوما وجلس فوضع التاج على رأسه فأذن لي عليه، فدفعت إليه كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأه، وقال: من ينتزع مني ملك؟! أنا سائر إليه ولو كان باليمن جئته، علي بالناس، فلم يزل جالسا يعرض حتى الليل، وأمر بالخيل أن تنعل، ثم قال أخبر صاحبك ما ترى، وكتب إلى قيصر يخبره خبري فصادف قيصر بإيليا وعنده دحية الكلبي قد بعثه إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما قرأ قيصر كتاب الحارث كتب غليه أن لا تسر غليه وأله عنه ووافني بإيليا، قال ورجع الكتاب وأنا مقيم فدعاني وقال متى تريد أن تخرج إلى صاحبك؟ قلت غدا، فأمر لي بمائة مثقال ذهبا، ووصلني مرى بنفقة وكسوة، وقال اقرأ على رسول الله صلى الله عليه وسلم مني السلام واخبره أني متبع دينه، قال شجاع فقدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال: «باد ملكه» وأقرأته من مرى السلام وأخبرته بما قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «صدق».

.فصل: (قصة عبد الله بن سلام):

ونحن إنما ذكرنا بعض ملوك الطوائف الذين آمنوا به وأكابر علمائهم وعظمائهم ولا يمكننا حصر من عداهم وهم جمهور أهل الأرض، ولم يتخلف عن متابعته إلا الأقلون، وهم: إما مسالم له قد رضي بالذلة والجزية والهوان، وإما خائف منه فأهل الأرض معه ثلاث أقسام: مسلمون له، ومسالمون له، وخائفون منه.
ولو لم يسلم من اليهود في زمنه إلا سيدهم على الإطلاق وابن سيدهم وعالمهم وابن عالمهم باعترافهم له بذلك وشهادتهم (عبد الله بن سلام) لكان في مقابلة كل يهودي على وجه الأرض فكيف وقد تابعه على الإسلام من الأحبار والرهبان من لا يحصى عددهم إلا الله، ونحن نذكر قصة عبد الله بن سلام، فروى البخاري في صحيحه من حديث عبد العزيز بن صهيب عن أنس بن مالك، قال أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، فقالوا جاء نبي الله، فاستشرفوا ينظرون، إذ سمع به عبد الله بن سلام وهو في نخل لأهله يخترف لهم منه، فعجل أن يضع الذي يخترف لهم فيها فجاء وهي معه، فسمع من نبي الله صلى الله عليه وسلم ثم رجع إلى أهله، فلما خلا نبي الله صلى الله عليه وسلم جاء عبد الله بن سلام، فقال أشهد أنك نبي الله حقا وأنك جئت بالحق، ولقد علمت اليهود أني سيدهم وابن سيدهم وأعلمهم وابن أعلمهم، فادعهم فاسألهم عني قبل أن يعلموا إني قد أسلمت، فإنهم إن يعلموا أني قد أسلمت قالوا في ما ليس في، فأرسل نبي الله صلى الله عليه وسلم إليهم فدخلوا عليه، فقال لهم نبي الله صلى الله عليه وسلم: «يا معشر اليهود ويلكم! اتقوا الله، فوالله الذي لا إله إلا هو إنكم لتعلمون إني رسول الله حقا، وإني جئتكم بحق، أسلموا» قالوا ما نعلمه فأعادها عليهم ثلاثا وهم يجيبونه كذلك، قال: «أي رجل فيكم عبد الله بن سلام؟» قالوا ذاك سيدنا وابن سيدنا وأعلمنا وابن أعلمنا، قال «أفرأيتم أن أسلم» قالوا حاش لله ما كان ليسلم، فقال «يا ابن سلام اخرج عليهم» فخرج إليهم فقال: يا معشر اليهود ويلكم اتقوا الله! فوا الله الذي لا إله إلا هو إنكم لتعلمون إنه رسول الله حقا، وإنه جاء بالحق، فقالوا كذبت، فأخرجهم النبي صلى الله عليه وسلم، وفي صحيح البخاري أيضا من حديث حميد عن أنس، قال سمع عبد الله بن سلام بقدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في أرض له، فأتي النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني سائلك عن ثلاث لا يعلمهن إلى نبي، ما أول أشراط الساعة؟ وما أول طعام أهل الجنة؟ وما ينزع الولد إلى أبيه أو إلى أمه؟ قال «أخبرني بهن جبريل آنفا» قال: جبريل؟ قال: «نعم» قال: ذاك عدو اليهود من الملائكة، قال: ثم قرأ هذه الآية: {مَن كانَ عَدواً لِجبريلَ فَإِنهُ نَزَلَهُ عَلى قَلبِكَ بِإِذنِ اللَه} «أما أول أشراط الساعة فنار تخرج على الناس من المشرق إلى المغرب، وأما أول طعام يأكله أهل الجنة فزيادة كبد حوت، وإذا سبق ماء الرجل ماء المرأة نزع الولد إلى أبيه وإذا سبق ماء المرأة ماء الرجل نزع الولد إلى أمه» فقال أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنك رسول الله إن اليهود قوم بهت، وإنهم إن يعلموا بإسلامي قبل أن تسألهم عني بهتوني، فجاءت اليهود إليه، فقال: «أي رجل فيكم عبد الله بن سلام» قالوا خيرنا وابن خيرنا، وسيدنا وابن سيدنا، قال: «أرأيتم إن أسلم عبد الله بن سلام» قالوا أعاذه الله من ذلك، فخرج عبد الله فقال أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله، قالوا: شرنا وابن شرنا، وانتقصوه، قال: هذا الذي كنت أخاف يا رسول الله.
وقال ابن إسحاق حدثني عبد الله ابن أبي بكر، عن يحيى بن عبد الله، عن رجل من آل عبد الله بن سلام، قال كان من حديث عبد الله بن سلام حين أسلم وكان حبرا عالما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وعرفت صفته واسمه وهيأته والذي كنا نتوكف له، فكنت مسرا لذلك صامتا عليه حتى قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، فلما قدم نزل معنا في بني عمرو بن عوف، فأقبل رجل حتى أخبر بقدومه وأنا في رأس نخلة لي أعمل فيها، وعمتي خالدة بنت الحارث تحتي جالسة، فلما سمعت الخبر بقدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم، كبرت، فقالت لي عمتي حين سمعت تكبيري لو كنت سمعت بموسى بن عمران ما زدت قال، قلت لها أي عمة هو والله أخو موسى بن عمران وعلى دينه بعث بما بعث به، فقالت فذاك إذا، قال ثم خرجت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلمت، ثم رجعت إلى أهل بيتي فأمرتهم فأسلموا، وكتمت إسلامي من اليهود، ثم جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت أن اليهود قوم بهت وإني أحب أن تدخلني في بعض بيوتك تغيبني عنهم ثم تسألهم عني كيف أنا فيهم قبل أن يعلموا بإسلامي، فإنهم إن علموا بذلك بهتوني وعابوني، قال فأدخلني بعض بيوته، فدخلوا عليه فكلموه وسألوه، فقال لهم «أي رجل عبد الله بن سلام فيكم؟» قالوا سيدنا وابن سيدنا وحبرنا وعالمنا، قال فلما فرغوا من قولهم خرجت عليهم، فقلت لهم يا معشر اليهود! اتقوا الله واقبلوا ما جاءكم به، فوالله إنكم لتعلمون أنه رسول الله تجدونه مكتوبا عنكم في التوراة اسمه وصفته، فإني أشهد أنه رسول الله، وأومن به وأصدق وأعرفه، قالوا كذبت، ثم وقعوا في، فقلت يا رسول الله ألم أخبرك أنهم قوم بهت أهل غدر وكذب وفجور؟! قال فأظهرت إسلام وأسلم أهل بيت، وأسلمت عمتي ابنة الحارث فحسن إسلامها.
وفي مسند الإمام وغيره عنه قال لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وانجفل الناس قبله، فقالوا قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فجئت في الناس لأنظر إلى وجهه، فلما رأيت وجهه عرفت أن وجهه ليس بوجه كذاب، فكان أول شيء سمعته منه أن قال: «يا أيها الناس أطعموا الطعام، وافشوا السلام، وصلوا الأرحام، وصلوا والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام» فعلماء القوم وأحبارهم كلهم كانوا كما قال الله عز وجل {الَّذَينَ آَتيناهُمُ الكِتابَ يَعرِفونَهُ كَما يَعرِفونَ أَبناءَهُم} فمنهم من آثر الله ورسوله والدار الآخرة، ومنهم من آثر الدنيا وأطاع داعي الحسد والكبر.
وفي مغازي موسى بن عقبة عن الزهري، قال كان بالمدينة مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم أو ثان تعبدها رجال من أهل المدينة لا يتركونها فأقبل عليهم قومهم وعلى تلك الأوثان فهدموها، وعمد أبو ياسر بن أخطب أخو حيي بن أخطب وهو أبو صفية زوج النبي صلى الله صلى الله عليه وسلم فجلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فسمع منه وحادثه، ثم رجع إلى قومه وذلك قبل أن تصرف القبلة نحو المسجد الحرام فقال أبو ياسر: يا قوم أطيعوني فإن الله عز وجل قد جاءكم بالذي كنتم تنتظرون، فاتبعوه ولا تخالفوه، فانطلق أخوه حيي حين سمع ذلك- وهو سيد اليهود يومئذ وهما من بني النضير- فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فجلس إليه- وسمع منه، فرجع إلى قومه وكان فيهم مطاعا فقال أتيت من عند رجل والله لا أزال له عدوا أبدا، فقال له أخوه أبو ياسر: يا ابن أمي أطعني في هذا الأمر ثم اعصني فيما شئت بعده لا تهلك، قال لا والله لا أطيعك واستحوذ عليه الشيطان فابتعه قومه على رأيه!.
وذكر ابن إسحاق عن عبد الله ابن أبي بكر عمن حدثه عن صفية بنت حيي أنها قالت: لم يكن من ولد أبي وعمي أحد أحب إليهما مني لم ألقهما في ولد قد إلا أخذاني دونه، فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم قباء نزل في بني عمرو بن عوف، فغدا إليه أبي وعمي أبو ياسر ابن أخطب مغلسين، فو الله ما جاءا إلا مع مغيب الشمس، فجاءا فاترين كسلين ساقطين يمشيان الهوينا، فهششت إليهما كما كنت أصنع فوالله ما نظر إلي واحد منهما، فسمعت عمي أبا ياسر يقول لأبي أهو هو؟ قال نعم والله، قال تعرفه بنعته وصفته؟ قال نعم والله، قال فماذا في نفسك منه قال عداوته والله ما بقيت قال ابن إسحاق وحدثني محمد بن أبي محمد مولى زيد ين ثابت عن سعيد بن جبير وعكرمة عن ابن عباس، قال لما أسلم عبد الله بن سلام وثعلبة بن شعية وأسد بن شعية وأسيد بن عبيد ومن أسلم من اليهود فآمنوا وصدقوا ورغبوا في الإسلام قال من كفر من اليهود: ما آمن بمحمد ولا اتبعه إلا شرارنا، ولو كانوا من خيارنا ما تركوا دين آباءهم وذهبوا إلى غيره، فانزل الله عز وجل في ذلك {لَيسوا سَواءَ مِن أَهلِ الكِتابِ أَُمَةٌ قائِمَةٌ يَتلونَ آَياتِِ اللَهِ آَناءَ اللَيلِ وَهُم يَسجُدون يُؤمِنونَ باللَهِ وَاليَومِ الآَخرِ وَيَأمُرونَ بِالمَعروفِ وَيَنهونَ عَنِ المُنكَر وَيُسارِعونَ في الخَيرات وَأُولئِكَ مِنَ الصالِحين}.
فصل: